Slider

محمد كركوتي يكتب: الصين وأوروبا.. التوتر مستمر

الاتحاد الاماراتية

التوتر التجاري بين الاتحاد الأوروبي والصين أكثر هدوءاً من توترات الأخيرة مع الولايات المتحدة، لكنه قابل للاستفحال في أي لحظة، حتى في ظل التوافق الأوروبي الصيني المُعلن، على أهمية أن يكون

للجانبين موقف مشترك حيال التعريفات الجمركية الأميركية التي جلبها الرئيس دونالد ترامب معه إلى البيت الأبيض.
ولن ترقى «أزمة التعريفات» لأن تكون عاملاً دافعاً لـ «جبهة» مشتركة ضد الجانب الأميركي، حتى في ظل انتهاء ما يمكن وصفه بالعلاقة الخاصة التي جمعت لعقود الأوروبيين والأميركيين، وبلغت حدّ وحدة المصير.
الأوروبيون يعرفون أن الثقة ليست حاضرة عندهم تجاه الجانب الصيني ولا يبدو أنها ستكون في الفترة المقبلة على الأقل.
المشكلة الأهم، أن الاتحاد الأوروبي الذي يسعى إلى تحقيق ما أمكن له من النمو، بعيداً عن أي اضطرابات تجارية، لا يمكنه التغاضي عن إجراءات الصين المقيدة لتصدير المعادن النادرة الضرورية لحركة التصنيع والإنتاج عموماً. هنا يتحد الجانبان الأوروبي والأميركي تلقائياً. فواشنطن وضعت هذه المسألة في صلب جدول المحادثات التي لم تتوقف مع بكين.
وإذا كانت الأخيرة مستعدة لتأسيس حالة من «روح التفاهم» مع الأوروبيين، إلا أن هؤلاء لا يمكنهم التنازل عن مطالبهم بأهمية قيام الجانب الصيني بتخفيف القيود على صادرات المعادن النادرة، التي تسيطر بكين على 90% منها على المستوى العالمي، فضلاً عن المشكلة التقليدية الخاصة بالدعم الحكومي الصيني للصناعات المحلية، وهذه النقطة تشكو منها كل دول العالم.
الاتحاد الأوروبي لن يتوقف عن العمل لضمان وصول المعادن النادرة لحركة الإنتاج فيه، حتى إن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، طالب المختصين في الاتحاد بدراسة ما وصفه «استخدام أقوى أداة تجارية لديه ضد بكين، إذا لم تلغ الأخيرة ضوابط التصدير».
المشهد العام ليس برّاقاً بين ثاني وثالث أكبر اقتصادين في العالم، ففي الاتحاد الأوروبي آلية شهيرة تسمى «أداة مكافحة الإكراه»، وستؤثر بالضرورة إذا ما طُبقت على الجانب الصيني، الذي تشكّل أوروبا ثاني شريك تجاري له بعد الولايات المتحدة.
صحيح أن السياسة التجارية الأميركية قرّبت المسافة بعض الشيء بين القارة العجوز والصين، إلا أن ذلك لا يمكن أن يوفر أي ضمانات لتفاهمات طويلة الأمد. فالمسائل العالقة بين الطرفين كثيرة وقديمة، تضاف إليها أزمة المعادن النادرة، التي ينظر إليها الأوروبيون من الجانب الاستراتيجي الصرف.


طباعة   البريد الإلكتروني