Slider

رحلة أميمة.. AI في خدمة الإنسانية من قلب أبوظبي

الاتحاد الاماراتية

أبوظبي (الاتحاد)

في قلب أبوظبي، حيث يلتقي الطموح بالابتكار، تقود أميمة رحمن، الباحثة الهندية البالغة من العمر 29 عاماً، ثورة هادئة في عالم الذكاء الاصطناعي.
طالبة الدكتوراه في جامعة محمد

بن زايد للذكاء الاصطناعي لم تكتفِ بدراسة التكنولوجيا، بل تستخدمها لإنقاذ الأرواح وتحقيق العدالة الصحية. على مدى أربع سنوات، كرّست جهودها لضمان استخدام الذكاء الاصطناعي بأمان وأخلاقية في المجال الطبي، مركزةً على تحدٍّ كبير: كيف تجعل أنظمة الذكاء الاصطناعي تعمل بكفاءة في أي مستشفى، مهما اختلفت معداته أو ظروفه؟ حسبما يقول تقرير نشره موقع الجامعة.
تخيّل نظام ذكاء اصطناعي مدرّباً على تحليل الصور الطبية في مستشفى متطور، لكنه يفشل عند نقله إلى عيادة متواضعة بسبب اختلاف جودة الصور أو الأجهزة. هنا تكمن مشكلة «التعميم خارج التوزيع»، وهي العقبة التي قررت أميمة مواجهتها في أطروحتها للدكتوراه. وهدفها بناء نماذج ذكاء اصطناعي تتعلم السمات الأساسية المشتركة بين الصور الطبية من مصادر متنوعة، لتعمل بثقة سواء في مستشفيات فاخرة، أو عيادات محدودة الموارد، خاصة في الدول النامية، بحسب التقرير المنشور على موقع الجامعة. تقول أميمة بحماس: «التعميم ليس رفاهية، بل ضرورة. إذا أخطأ نظام الذكاء الاصطناعي في تشخيص مريض، فقد تكون العواقب وخيمة. أريد أن أجعل هذه الأنظمة موثوقة، لتكون بمثابة أداة دعم للأطباء في الأماكن التي تفتقر إلى أحدث التقنيات، ولتطمئن المرضى وتخفف قلقهم».

شغف يتحدى الصور النمطية
أميمة لا ترى الذكاء الاصطناعي كتهديد يحل محل البشر، بل كشريك يعزز قدرات الأطباء. «هدفنا ليس استبدال الأطباء، بل مساعدتهم لتقديم رعاية صحية أفضل وأكثر عدالة»، هكذا ترى من وجهة نظرها. شغفها بدأ منذ صغرها في كلكتا، حيث أحبت الرياضيات والعلوم، وحلمت بأن تصبح مهندسة في سن الثالثة عشرة. رغم أنها أول من حصل على الدكتوراه في عائلتها، فإن جذور التعليم راسخة فيها، إذ كان جدها مدرس رياضيات، وشقيقها الأصغر يدرس الآن للدكتوراه في أكسفورد.
رحلتها لم تكن خالية من التحديات. الانتقال إلى الإمارات بمفردها بعد دراستها الجامعية والماجستير في كلكتا كان خطوة جريئة، خاصة مع تردد والدتها في البداية. لكن إصرار أميمة وحلم والدها برؤيتها دكتورة دفعاها للأمام. اليوم، ينتظر والداها بفخر حضور حفل تخرجها في أبوظبي.


ابتكار بلا حدود
تقول الجامعة إنه في أطروحتها بعنوان «تعزيز التعميم خارج التوزيع في التصوير الطبي»، طورت أميمة حلولاً مبتكرة تجمع بين الرؤية الحاسوبية وتعلم الآلة. أحد إنجازاتها البارزة هو تطوير نماذج تفصل السمات التشخيصية (مثل اكتشاف ورم) عن السمات العارضة (مثل نوع جهاز التصوير)، مما يجعل النماذج أكثر مرونة عند تغير البيانات. كما ابتكرت طريقة «كشف الأمراض المختلفة ضمن العضو الواحد»، التي تتيح لنموذج مدرب على مرض معين اكتشاف أمراض أخرى غير متوقعة، وهو ما أثبت قيمته في حالات، مثل جائحة «كوفيد - 19». لم تتوقف الباحثة اللامعة عند النظريات. خلال عملها مع «إنسبشن» في مشروع لهيئة الصحة بدبي، ساهمت في دراسة نُشرت في الندوة الدولية للتصوير الطبي الحيوي 2025. كما عرضت أبحاثها في مستشفى جامعة جنيف.

قلب معلق بالإمارات
تطمح أميمة رحمن لمواصلة أبحاثها في مؤسسات عالمية، مثل جامعة ستانفورد أو المعهد الاتحادي السويسري للتكنولوجيا، لكن قلبها يبقى معلقاً بالإمارات، التي تعتبرها «بلدها الثاني». ترى في بيئتها الآمنة ودعمها للمرأة في العلوم فرصة لتحقيق المزيد. «أحلم أن أصبح أستاذة جامعية، وألهم الفتيات لدخول مجال الذكاء الاصطناعي»، تقول بحماس. قصة أميمة ليست مجرد إنجاز أكاديمي، بل شهادة على قوة الشغف والإصرار. من فتاة صغيرة في كلكتا إلى رائدة في الذكاء الاصطناعي، هي تثبت أن التكنولوجيا، عندما تُوظف بحكمة، يمكن أن تجعل العالم مكاناً أكثر عدالة وإنسانية.


طباعة   البريد الإلكتروني