Slider

للصين.. النمو الاقتصادي أساسي للأمن القومي

ae 24

في 20 أبريل (نيسان)، تحدثت وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين في جامعة جونز هوبكنز، عن العقوبات على الشركات الصينية، قائلة إن "هدفنا ليس استخدام هذه الأدوات لاكتساب ميزة اقتصادية تنافسية".

الصين تواجه تغيرات ديموغرافية كبيرة ومعدل نمو اقتصادي متباطئاً

وحاولت يلين التأكيد على أن الانفصال بين الولايات المتحدة والصين لا يلوح في الأفق. وبعد ذلك بأسبوع، وتحديداً في 27 أبريل (نيسان)، ألقى مستشار الأمن القومي جيك سوليفان خطاباً في مؤسسة بروكينغز، حيث كرر تعليقات يلين بقوله إن إدارة بايدن "تتطلع إلى إدارة المنافسة بشكل مسؤول وتسعى إلى العمل مع الصين حيثما أمكننا ذلك".
لكن سوليفان انتقد أيضاً استخدام الصين المبالغ فيه للسياسة الصناعية، وأشار إلى أن واضعي السياسات الأمريكيين سيردون بالمثل.
وفي هذا الإطار، رأى جيه تيدفورد تايلر، معاون السياسة الخارجية في مؤسسة تشارلز كوك، وكيدار باندايا، مساعد باحث في برنامج الحوكمة الاقتصادية بجامعة تكساس إيه آند إم، في مقال مشترك بموقع مجلة "ناشونال إنترست" الأمريكي، أن يلين وسوليفان مخطآن فيما يتعلق بوجهات نظر الصين في السياستين الاقتصادية والأمنية.
ووفق الكاتبين، بالنسبة للصين، تعد القضايا الاقتصادية قضايا أمنية، حيث صرح الرئيس الصيني شي جين بينغ في 2014 أن الأمن الاقتصادي "أساس" ينبني عليه "مفهوم الأمن الشامل". فبالنسبة للرئيس شي، القوة العسكرية تحمي التنمية الاقتصادية، والنمو الاقتصادي أمر بالغ الأهمية للأمن القومي. ومنذ 2014، لم يزد شي إلا تصلباً في موقفه، مشيراً في "الدورتين السنويتين" في مارس (آذار) 2023 إلى أن "الأمن أساس التنمية".

White House officials have made a flurry of statements about U.S.-China relations. However, their positions ignore the connection between economics and security. https://t.co/0jthDlDccG

— Shehzad Younis شہزاد یونس (@shehzadyounis) May 25, 2023


وفي الأيام الأولى لرئاسة شي، تم الإعلان عن مفاهيم مثل "الصناعات الناشئة الاستراتيجية" و"صنع في الصين 2025"، التي أشارت إلى تحول إلى الداخل في السياسة الاقتصادية فيما يتعلق بواشنطن. وكان من أهم هذه المخاوف سرقة الملكية الفكرية واحتمال وقوع التكنولوجيا المتقدمة في أيدي الجيش الصيني.
عرقلة إطلاق نظام صيني اقتصادي جديد
استجابت السياسة الأمريكية لذلك بالسعي إلى عرقلة إطلاق نظام الصين الاقتصادي الجديد، حيث بدأت لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة في منع المزيد من عمليات الاستحواذ الصينية على شركات التكنولوجيا الأجنبية.

مواصلة حرب التجارة

كما واصل البيت الأبيض أيضاً حرب التجارة التي أطلقها الرئيس دونالد ترامب، حيث أبقى على تلك التعريفات وسن قانون الرقائق والعلوم لسنة 2022، والذي يقضي باستثمار 50 مليار دولار في تصنيع أشباه الموصلات في الولايات المتحدة بهدف تنشيط ما يتصور أنها ريادة متضائلة في هذا القطاع.
وتريد إدارة بايدن الحد من التوترات الاقتصادية مع الصين وإصلاح المشاكل الكامنة من ورائها. لكن وكما ذكرت مجلة "بوليتيكو"، فإن مسؤولي بايدن ربما تكون لديهم أفكار متعارضة. وما يزيد الطين بلة أن الصينيين لا يجيبون عن المكالمات الهاتفية الأمريكية، على الرغم مما يقال من أن كاثرين تاي، الممثلة التجارية الأمريكية، ستجتمع مع وزير التجارة الصيني في وقت لاحق من هذا الشهر.
ويأمل الكاتبان أن يكون هذا الاجتماع مقدمة لاجتماعات متابعة على مستوى أعلى، لكن إحراز تحسينات على المستوى الكلي في العلاقات بين الولايات المتحدة والصين يبدأ بإعادة تأطير المشكلة.
وأكد الباحثان ضرورة الاعتراف بأن الاقتصاد والأمن متشابكان. وبالنسبة للقوى العظمى، يعد الاقتصاد عنصراً أساسياً من عناصر القوة الوطنية، حيث يسمح ببناء القدرات العسكرية. لكنه يخدم أيضاً مخاوف أمنية أعمق.

For China, economic issues are security issues, write J. Tedford Tyler and Kedar Pandya. https://t.co/iJtI1OujEq

— National Interest (@TheNatlInterest) May 27, 2023


وتواجه الصين تغيرات ديموغرافية كبيرة ومعدل نمو اقتصادي متباطئاً (لكنه لا يزال مطرداً). وفيما تكافح بكين للتصدي لهذه التحديات، ينظر إلى التطور التكنولوجي على أنه المحرك الذي يستديم الازدهار الاقتصادي طويل الأجل به.
وهذا يجعل العلوم والتكنولوجيا شيئاً حتمياً لمسار التنمية المتقدمة في الصين، حسب الباحثين، مما يعني أن أي سياسة تحاول تعطيل نمو الصين التكنولوجي أو وقفه ستجعل الدبلوماسية مسألة محفوفة بالتحديات الكبيرة.

دورة من "العمل والانتقام"

وأضاف الباحثان: لا ترى بكين التدابير الاقتصادية الأمريكية المضادة ضيقة ومحدودة، بل ترى أنه يجري التعدي على مصالحها الوطنية. وفي عالم فوضوي قوامه الاعتماد على الذات، ليس لدى بكين أي حافز لاعتقاد أن الحوكمة الاقتصادية الأمريكية القسرية ستتوقف، وهذا يدفعهم إلى الانخراط في دورة من "العمل والانتقام"، مستجيبين بإجراءات قسرية من جانبهم.
فما الذي يمكن للولايات المتحدة أن تفعله؟ يتساءل الكاتبان.
أولاً، تحتاج سياسة الولايات المتحدة تجاه الصين إلى مزيد من التنسيق بين الحقيبتين الأمنية والاقتصادية. فالتخطيط والزيارات رفيعة المستوى ينبغي أن تشمل مسؤولين من كلا المجالين.
وتابع الباحثان "لتمثيل المحفظة الاقتصادية، نزكي وزيرة التجارة جينا ريموندو، التي ترى أن التكنولوجيا والاقتصاد مترابطان بعمق". كما تدرك ريموندو أيضاً الصلة بين التجارة الدولية والاقتصاد المحلي الأمريكي، حيث تقول: "نحن بحاجة إلى مواصلة التعامل مع الصين، والتجارة مع الصين تدعم الوظائف الأمريكية".
ثانياً، هناك حاجة إلى عقد المزيد من الاجتماعات الثنائية، فالثقة يمكن بناؤها مع البيروقراطيين من المستوى الأدنى الذين يمكنهم الارتقاء بمستوى الاتصالات إلى مستويات أعلى.
وفيما يتعلق بالمكان، يرى الباحثان أن الذهاب إلى بلد ثالث سيسمح لكل من واشنطن وبكين بالمحافظة على بعض كبريائهما. وتشير الاجتماعات السابقة في بالي وجنيف إلى قيمة استخدام بلد ثالث كنقطة التقاء، كما هو الحال مع اجتماع فيينا بين سوليفان ووانغ يي، مدير مكتب لجنة الشؤون الخارجية.
ويؤكد الباحثان ضرورة اتخاذ الولايات المتحدة إجراءات ذات مغزى أكبر، بدلاً من مجرد تقديم تطمينات إلى الصين. فالغموض الذي يكتنف العلاقات بين الدولة ومؤسسات الأعمال في الصين وما إذا كان المستخدم النهائي للتكنولوجيا مستخدماً عسكرياً أم تجارياً هو الشغل الشاغل لواشنطن. لكن في أغلب الأحيان يكون مصطلح "الأمن القومي" مصطلحاً جامعاً.
وثمة مسار أفضل، برأي الباحثين، وهو النص بصراحة على الشروط التي تجعل الشيء تهديداً حقيقياً للأمن القومي.

ساحات صغيرة وأسوار عالية

وفيما يتعلق بقائمة كيانات وزارة التجارة، يؤكد الكاتبان ضرورة وضع قواعد واضحة لحذفها. ومن شأن توضيح تلك الشفافية من جانب الشركات وأجهزة الدولة الصينية أن يقطع شوطاً طويلاً في وضع ضوابط في علاقة اقتصادية متصاعدة.
وأكد خطاب سوليفان بحق على جعل المجال التنافسي من الناحية الاقتصادية مكاناً يضم "ساحات صغيرة وأسواراً عالية". لكن هذه فلسفة أكثر منها سياسة محددة. وأما السياسة الأفضل، برأي الباحثين، فهي النظر إلى الاقتصاد والأمن معاً، مما يمهد الطريق أمام إحراز تقدم حقيقي في العلاقات بين الولايات المتحدة والصين.

طباعة   البريد الإلكتروني