أحمد عاطف (القاهرة)
شهدت الأسواق المالية العالمية أسبوعاً استثنائياً، من حيث التقلبات والأحداث الاقتصادية، إذ أثرت بيانات سوق العمل الأميركي الضعيفة، إضافة إلى ترقب المستثمرين لبيانات التضخم المرتقبة، على حركة الأسهم
والسندات والعملات.
وأغلقت المؤشرات الأميركية الرئيسية الأسبوع على تراجعات طفيفة، بينما سجلت الأسواق الآسيوية مكاسب ملحوظة مدعومة بالسياسات التحفيزية والتوقعات الإيجابية للاقتصاد الصيني، أما الأسواق الأوروبية فظلّت في حالة من التذبذب.
«وول ستريت»
اختتمت الأسهم الأميركية تعاملات الأسبوع بانخفاض محدود، حيث فقد مؤشر داو جونز الصناعي 0.5%، وتراجع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 0.3%، فيما هبط ناسداك بنسبة 0.5%.
وجاء التراجع بعد صدور تقرير الوظائف الأميركية لشهر أغسطس الماضي، الذي كشف عن إضافة 22 ألف وظيفة فقط، وهو أقل بكثير من توقعات المحللين التي أشارت إلى نحو 75 ألف وظيفة. وأعادت الأرقام الضعيفة النقاش حول احتمالية دخول الاقتصاد الأميركي مرحلة تباطؤ اقتصادي، وزادت من رهانات خفض الفائدة في اجتماع الاحتياطي الفيدرالي المقبل.
وبحسب تقرير وكالة رويترز، فإن بيانات سوق العمل تمثل إنذاراً مبكراً بأن النمو الاقتصادي بدأ يتباطأ بشكل أسرع من المتوقع، مما يعني أن الفيدرالي سيكون مضطراً للتحرك بخفض الفائدة خلال الأشهر المقبلة، وربما بشكل أكبر مما تتوقعه الأسواق حالياً. وأظهر المستثمرون ردة فعل حذرة، إذ اتجهت التدفقات المالية نحو السندات الأميركية، مما أدى إلى انخفاض عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات إلى 3.65%، وهو أدنى مستوى لها منذ 7 أشهر، في تأكيد على تزايد شهية الأسواق للأصول الآمنة في ظل حالة عدم اليقين. كما شهد قطاع التكنولوجيا بعض الضغوط، إذ انخفضت أسهم الشركات الكبرى، مثل آبل ومايكروسوفت، بأكثر من 1% لكل منهما، نتيجة عمليات جني أرباح بعد صعود قوي خلال الأشهر الماضية، وفي المقابل ارتفعت أسهم شركات الطاقة بنسبة 0.8%.
الأسواق الأوروبية
تباين أداء البورصات في أوروبا مع استمرار المخاوف من تداعيات تباطؤ النمو العالمي والأزمات السياسية، فرغم الخسائر اليومية فإن بعض المؤشرات الأسبوعية أغلقت في حالة من الهدوء.
وحقق مؤشر «كاك» الفرنسي ارتفاعاً أسبوعياً طفيفاً بنسبة 0.1%، وارتفع مؤشر «فوتسي 100» البريطاني بنسبة 0.2%، بينما انخفض مؤشر «إيبكس» الإسباني بنسبة 0.7%، ومؤشر «فوتسي إم آي بي» الإيطالي بنسبة 1.4%.
وتُلقي حالة التوترات في بريطانيا وألمانيا بظلالها على معنويات المستثمرين، إذ لا تزال الأسواق تتفاعل مع نوايا الحكومة الألمانية بشأن خطط خفض الإنفاق، في وقت تحاول فيه مواجهة تباطؤ النمو. ويشبه هذا التحرك في السوق إلى حد كبير الظروف المتقلبة في أواخر عام 2022.
أسواق آسيا
ارتفعت معظم الأسواق في آسيا بدعم من آمال بزيادة الحوافز الاقتصادية من الحكومة الصينية، فصعد مؤشر شنغهاي المركب بنسبة 1.2% خلال الأسبوع، مدفوعاً بتقارير عن خطط جديدة لدعم قطاع العقارات والبنية التحتية.
كما قفز مؤشر «نيكاي» الياباني بنسبة 1.03%، بدعم من ارتفاع أسهم شركات التكنولوجيا وشركات التصدير بعد تراجع الين أمام الدولار.
وفي هونغ كونغ، ارتفع مؤشر هانغ سنغ بنسبة 1.5%، حيث ساهمت أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى في قيادة المكاسب، ويرى محللون أن الأسواق الآسيوية بدأت تستفيد من ضعف الدولار الأميركي، مما يعزز الطلب على السلع ويحفز المستثمرين الأجانب على ضخ أموال جديدة في الأسهم.
أسبوع حافل
ترى التوقعات أن الأسبوع المقبل سيكون محورياً للأسواق العالمية، إذ من المقرر صدور بيانات التضخم في الولايات المتحدة، والتي ستحدد إلى حد كبير توجهات الاحتياطي الفيدرالي خلال اجتماعه المقبل.
وقد يشهد السوق العالمي تحركات قوية مع احتمالات خفض الفائدة في أميركا بشكل أكبر مما هو متوقع في حال جاءت الأرقام أقل من المنتظر، كما ستراقب الأسواق بيانات الناتج المحلي الإجمالي في اليابان ومنطقة اليورو، إلى جانب تقارير قطاع العقارات في الصين، بحسب تحليل منصة «S&P Global». وبحسب ستيفن هاريسون من بنك «سيتي جروب»، فإن الأسواق تعيش مرحلة دقيقة من إعادة تقييم السياسات النقدية، في ظل بداية دورة خفض للفائدة قد تستمر حتى منتصف 2026، لكن توقيت كل بنك مركزي يختلف باختلاف التحديات الداخلية، وهذا يعني أن المستثمرين يجب أن يتوقعوا تذبذباً كبيراً في العملات وأسعار الأصول خلال الأشهر المقبلة.
من جانب آخر، يُتوقع أن تتخذ البنوك المركزية الكبرى في آسيا خطوات لدعم اقتصادها، خاصة في ظل ضغوطات متزايدة على بنك اليابان للاستمرار في سياسات التيسير النقدي مع ضعف الين وتباطؤ الطلب المحلي.
وفي الصين تشير التوقعات إلى مزيد من الحزم التحفيزية، بما في ذلك تخفيضات جديدة في أسعار الفائدة على القروض طويلة الأجل لدعم سوق الإسكان وتعزيز الاستثمار في البنية التحتية.