رشا طبيلة (أبوظبي)
تشهد العلاقات الاقتصادية بين الإمارات وأنغولا تطوراً ملحوظاً، لا سيما في المجالات التجارية والاستثمارية، حيث بلغ حجم التبادل التجاري غير النفطي بين الدولتين في عام 2024 نحو 8
مليارات درهم «2.17 مليار دولار»، فيما بلغت الاستثمارات المشتركة بين البلدين نحو 24 مليار درهم «6.5 مليار دولار».
ويُعزى هذا التعاون الاقتصادي إلى البيئة الاستثمارية المحفزة في كلا البلدين، إلى جانب الدعم المتبادل والمستمر بين القيادتين، بما يعزز أطر التعاون الاقتصادي، ويسهم في تحقيق التنمية المستدامة، ويفتح آفاقاً أوسع للتكامل التجاري في المستقبل.
وتشهد العلاقات الاقتصادية بين الإمارات وأنغولا نمواً متسارعاً مدعماً بإدارة سياسية لتعزيز الشراكة في مجالات الاستثمار والتنمية، حيث أطلقت الدولتان عدداً من المبادرات والمشاريع الاقتصادية المشتركة، لا سيما في قطاعات الطاقة والبنية التحتية والزراعة والخدمات اللوجستية.
وفي قطاع الخدمات اللوجستية والبنية التحتية، تعمل عدد من الشركات الإماراتية مثل «موانئ أبوظبي» و«موانئ دبي العالمية» على تعزيز حضورها في أنغولا من خلال إدارة وتشغيل الموانئ والبنى التحتية اللوجستية في أنغولا، بما يسهم في تسهيل حركة التجارة ودعم سلاسل الإمداد في المنطقة. وتسهم شركة «مجمع دبي للاستثمار» بشكل فعّال في تطوير المناطق الحرة في أنغولا.
أما في قطاع الطاقة، تستثمر دولة الإمارات بشكل فعّال في قطاع الطاقة النظيفة في أنغولا من خلال مشروع محطة طاقة شمسية بقدرة 2 جيجاوات تنفذه شركة مصدر الإماراتية، ويعد هذا الاستثمار جزءاً من استراتيجية التعاون بين الإمارات وأنغولا لتعزيز مصادر الطاقة المستدامة، مستهدفاً تحقيق قيمة استثمارية اقتصادية كبيرة، تسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني لأنغولا، إلى جانب ذلك تنفذ شركة آميا باور مشروعاً لتحلية المياه بهدف توفير مصادر مياه نظيفة ومستدامة تسهم في تحسين جودة الحياة ودعم التنمية المستدامة.
قطاع الزراعة
فيما يتعلق بقطاع الزراعة، تعمل شركة «الظاهرة» على الاستثمار في أراضٍ زراعية واسعة في أنغولا بهدف تطوير الإنتاج الزراعي وتحقيق الأمن الغذائي، مع التركيز على نقل الخبرات والتقنيات الزراعية الحديثة. وفي قطاع العقارات، تستثمر شركة «داماك» في مشاريع عقارية متنوعة في أنغولا، تركز على تطوير البنية التحتية والسكنية والتجارية، بما يلبي احتياجات السوق المحلي، ويدعم التنمية الحضرية المستدامة.
وفيما يتعلق بقطاع الذكاء الاصطناعي والحلول الرقمية، تعمل كل من شركة «بريسايت» و«سبيس 42»، إضافة إلى شركة دليل، في تقديم حلول مبتكرة في مجال الذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقية لأنغولا، تركز هذه الشركات على تطوير أنظمة ذكية تدعم التحول الرقمي في مختلف القطاعات، بما يسهم في تحسين الكفاءة التشغيلية، وتعزيز الابتكار والتنمية الاقتصادية.
خريطة تفاعلية
وتقدم المنصة خريطة تفاعلية يُستكشف من خلالها الإمكانات والفرص الاستثمارية في 15 دولة أفريقية، وذلك من خلال إتاحة معلومات وحقائق تفصيلية عن هذه الدول، مثل مؤشرات الاقتصاد الكلي، وبيئة الأعمال، والبيئة التنظيمية والقانونية، والحوافز الاستثمارية، والقطاعات الواعدة، والفرص الاستثمارية وقصص نجاح الشركات، وهو ما سيدعم الشركات الإماراتية في اتخاذ القرارات المناسبة تجاه الاستثمار في الأسواق الأفريقية، وتوفر «بوابة أفريقيا للاستثمار الإماراتي» برنامجاً خاصاً لدعم وتأهيل 15 شركة محلية للاستثمار في الدول الأفريقية المستهدفة، وذلك من خلال إنشاء حساب مخصص لكل شركة على البوابة، وتعيين مدير حساب لها، بهدف تسهيل الاجتماعات الثنائية مع شركاء الأعمال المحتملين وأصحاب المصلحة في الدول المستهدفة، والإشراف على أنشطتها الاستثمارية وتحسينها ومتابعتها بالتنسيق مع الجهات المعنية، وتمكِّن المنصة الجديدة الشركات في الدولة من الاستفادة من أكثر من 50 شراكة اقتصادية استراتيجية مع الشركات والحكومات المحلية الأفريقية لتعزيز النمو المستدام والمنافع المتبادلة، والوصول إلى أكثر من 100 مشروع قابل للتمويل وجاهز للاستثمار في 12 قطاعاً اقتصادياً.
«منصة بوابة أفريقيا»
لتعزيز الاستثمارات الإماراتية في القارة الأفريقية، أطلقت وزارة الاقتصاد في أغسطس من العام الماضي، منصتها الرقمية «بوابة أفريقيا للاستثمار الإماراتي»، بهدف تحفيز الشركات العاملة في الدولة على الاستثمار والتوسع في الأسواق الأفريقية، وتعزيز الشراكات الاقتصادية والاستثمارية بين دولة الإمارات والدول الأفريقية، وزيادة الاستثمارات المتبادلة بين الجانبين خلال المرحلة المُقبلة في العديد من القطاعات الاقتصادية الجديدة والحيوية، ويأتي تدشين هذه المنصة في إطار جهودها لدعم قدرة الشركات المحلية على التوسع في أسواق جديدة غنية بالفرص الاستثمارية المتميزة، ودعم الاستفادة منها، وتعزيز رؤية الدولة في الاستثمار بالأسواق الاستراتيجية والواعدة، وترسيخ مكانتها مركزاً اقتصادياً عالمياً جاذباً ومؤثراً في ضوء مستهدفات «رؤية نحن الإمارات 2031».
الإمارات وجهة تصدير محورية للسلع الأفريقية
تأتي الإمارات في المرتبة الأولى بين أكبر عشرة مستوردين للسلع من أكثر من 12 دولة أفريقية، والمرتبة السابعة كأكبر سوق استيراد للسلع المنتجة في أنغولا، وتتربع على رأس قائمة البلدان المستثمرة بالمشاريع الجديدة في القارة الأفريقية. وعلى مدى العقد الماضي، أصبحت الإمارات رابع أكبر مستثمر أجنبي في أفريقيا، بعد الصين والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، فتركيز الإمارات على أفريقيا يأتي لقناعتها بالإمكانات الهائلة التي تتمتع بها الأسواق الأفريقية، وفي الوقت نفسه تدرك دول القارة الأفريقية أن الإمارات وجهة تصدير محورية بالنسبة لها، حيث تأتي الإمارات في المرتبة الأولى بين أكبر عشرة مستوردين للسلع من أكثر من 12 دولة أفريقية، وفيما يتعلق بالتجارة غير النفطية بين الإمارات وأنغولا للأعوام بين 2020 إلى 2023، أظهرت البيانات نمواً سنوياً ثابتاً في قيمة التجارة، والإمارات تحل في المرتبة السابعة كأكبر سوق استيراد للسلع المنتجة في أنغولا. وحول التسهيلات التجارية المقدمة بين البلدين، وقعت حكومة دولة الإمارات وحكومة جمهورية أنغولا على اتفاقية إلغاء الازدواج الضريبي في مجال ضريبة الدخل في فبراير 2018، وتم توقيع اتفاقية لتعزيز وحماية الاستثمار المتبادل بين الحكومتين في أبريل 2017، وتم توقيع اتفاقية التعاون الثنائي في مجال الطيران في 21 أبريل 2021.
مؤشرات أنغولية
يبلغ الناتج المحلي الإجمالي لأنغولا 93 مليار دولار، وبلغ متوسط نمو الناتج المحلي 3.6%، ومن أهم الصادرات النفط الخام والألماس والغاز الطبيعي المسال والمنتجات الزراعية، ويعد ميناء لواندا الميناء التجاري الرئيسي لأنغولا، ويبلغ عدد سكان أنغولا 36.6 مليون نسمة.
ومن أهم أسواق التصدير لأنغولا الصين بقيمة 21.8 مليار دولار، ثم الهند بواقع 6.50 مليار دولار، يليها فرنسا بواقع 5.06 مليار دولار، يليها هولندا بواقع 3.84 مليار دولار، ثم إسبانيا بواقع 2.28 مليار دولار.
وحول إجمالي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في أنغولا، فسجل 6.14 مليار دولار، بينما سجل إجمالي رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر 14.72 مليار دولار، والقطاعات الخمسة الأكثر جذبا للاستثمار الأجنبي المباشر في أنغولا بين الأعوام 2019-2023 الصناعات التحويلية والطاقة والنقل والخدمات اللوجستية والقطاع المالي والتعدين.
ومن الحوافز التي تقدمها أنغولا لجذب الاستثمارات الأجنبية، منح حوافز خاصة للقطاعات ذات الأولوية مثل: التعليم، الزراعة، الرعاية الصحية، التصنيع، الاتصالات، والطاقة، وتقديم مزايا ضريبية أساسية تشمل: خصومات ضريبية، استهلاك مُسرَّع، ائتمانات ضريبية، إعفاءات أو تخفيضات على الرسوم الجمركية والضرائب، وتأجيل دفع الضرائب، وتخفيض رسوم نقل ملكية العقارات السكنية والتجارية، إضافة إلى إعفاء من الرسوم «بما في ذلك الرسوم الجمركية» على أي خدمات يتم طلبها من جهة عامة غير ربحية لمدة خمس سنوات.
وفي حالة منتجي الطاقة المتجددة، يتم تطبيق معدل ضريبة مخفض يصل إلى 16.25%، إضافة إلى حوافز أخرى مرتبطة بالأراضي والمباني.
وفيما يتعلق بحوافز المناطق الحرة، فتتمثل في خفض ضريبة دخل الشركات من 30% إلى 15% أو 8% على الأنشطة التجارية أو الصناعية أو الخدمية داخل المناطق الحرة، وإعفاء من ضريبة الأرباح الرأسمالية للأرباح الناتجة عن الأنشطة في المناطق الحرة، إضافة إلى إعفاء من ضريبة العقارات للعقارات داخل المناطق الحرة بهدف تشجيع الاستثمار وإقامة المشاريع وتشغيلها، فضلاً عن إعفاء الواردات والصادرات وإعادة التصدير من الرسوم الجمركية والرسوم الأخرى.