Slider
البنك المركزي يقدم افضل ما عنده للحفاض على استقرار سعر الصرف

البنك المركزي يقدم افضل ما عنده للحفاض على استقرار سعر الصرف

توطئة :

ينجز  البنك المركزي في الوقت الراهن اصلاحات هيكلية حقيقية شملت إعادة هيكلة القطاعات الرئيسية وفي المقدمة منها قطاع الرقابة وتأسيس قطاعات أخرى تختص بقطاع العون الخارجي عدا عن تعيين هيئة شرعية ومراقب شرعي للإشراف على الأدوات الاسلامية.

هذه الاصلاحات لا تمثل استجابة لشروط المانحين فحسب ولكن هي ضرورة لتحسين كفاءة الاداء ودعم القدرات و بغية تعزيز دور البنك المركزي في الحفاض  على استقرار سعر الصرف .

لكن  عند النظر الى تدهور سعر العملة الوطنية وارتفاع معدلات  التضخم وبالتالي محاولة تقييم دور البنك المركزي في ظل ظروف الوضع الراهن  علينا ان ننظر  للمتغيرات الايجابية  التي حدثت في  سعر الصرف وهي حصيلة جهود كبيرة.  وفي نفس الوقت  يجب أن لا يغيب عن بالنا ولو للحظة حتى تكون نظرتنا موضوعية ان البلد لازال يعيش في وضع حرب  مع ما يشهده من انقسام وتشظي وصراع سياسي وعسكري  واقتصادي ؛ وما يستتبع ذلك من وجود سياستين اقتصاديتين  مالية ونقدية متنافرة ؛ وظهور ادوار  لفاعلين جدد افرزتها  الحرب حيث اصبح مألوفا التعرف على نخب وقوى  ثرية لها ادواتها وتأثيراتها .. ومع ذلك فإن الوقوف على محددات السياسة النقدية في ظل هذه الاوضاع الاستثنائية   لا يعفينا من تتبع أداء البنك المركزي وأثر ذلك على استقرار سعر الصرف  .

في اليمن حتى في سنوات ما قبل الحرب على الرغم ان السياسة النقدية التي  كان محور ارتكازها سعر الصرف  والسيطرة على التضخم  عندما   كان البنك المركزي  يحدد معدل سنوي مستهدف للتضخم وسعر صرف للعملة معوم  مدار يجري الدفاع عنه  فرغم ذلك  كنا كباحثين  يصعب علينا القول ان المركزي كان يحقق  اهدافه  على النحو المرغوب.

  فيما يتصل بالتضخم ومع ذلك  النجاح النسبي الذي تحقق  يعود الى وجود كيان واحد ودولة بمؤسساتها وكياناتها المختلفة وفق هذا لا يمكن  مقارنة ذلك بما يجري  اليوم في غياب دولة المؤسسات.

 عبر ذلك كانت سياسة البنك المركزي  باللجوء لرفع اسعار الفائدة  والاقتراض من المجتمع من خلال بيع  اذون الخزانة  في محاولة  الدفاع عن سعر صرف العملة والسيطرة على التضخم  يأتي في ضوء برنامج الاصلاحات الاقتصادية الذي يشرف عليه مؤسستي البنك والصندوق الدوليين وتحت رقابتهما .  لكن برنامج الاصلاحات كانت له آثار انكماشية واضحة وآثار اجتماعية سلبية حيث  زاد من مستوى الفقر  وبالتالي هذه الاصلاحات بطبيعتها الانكماشية والتي الى  حد معين  اسهمت في الحد من النمو  وهو معدل كان يعاني من الاتجاه نحو التباطؤ اصلا. لكن المختلف عن ما هو جاري الآن هو ان صادرات النفط سابقا شكلت قاطرة للنمو المتواضع ومصدر مهم لموارد الموازنة العامة للدولة .

 لكن من جهة أخرى  تسبب الاقتراض من المجتمع عوضا عن الاصدار التضخمي عبر البنوك الى زيادة حجم الدين العام المحلي وبلوغه مع نهاية 2014 نحو 7.8ترليون ريال  وهو الامر  صعب على الدولة امكانية سداد هذا الدين الضخم  في ظروف الحرب وعطل من دور البنوك في العملية الاقراضية  .ونستنج انه بقطع النظر عن المعوقات فإن

 نجاح السياسة  النقدية ارتبطت حينئذ بواقع الاقتصاد  الكلي المدعوم نفطيا، لكن في اقتصاد غير متنوع ضعيف النمو و يعتمد في نموه  على العوامل الخارجية و يسهل انزلاقه من حالة الى أخرى فإن الأهداف المحققة ظلت محدودة رغم توازن مؤشرات الاقتصاد الكلي  وميزان الحسابات الخارجية التي دعمتها صادرات النفط في السنوات المثالية ..

اليوم  الأدوات المتاحة أمام البنك المركزي للسيطرة على سعر الصرف في ظل الحرب  محدودة فالبنك المركزي يواجه صعوبة  في السيطرة  على  البنوك التجارية والإسلامية لوجود مقراتها في صنعاء وهذا محدد سياسي وليس فني  لا ينبغي تجاهله.

 ومع ذلك حكومة الشرعية وجدت لأجل اليمن كله وفق هذا الاعتبارات  تستفيد هذه البنوك سواء التقليدية او الاسلامية الموجودة في صنعاء  من مختلف المزايا التي يقدمها البنك المركزي  وتلك التي تقدمها الدولة بما في ذلك من مزادات بيع الدولار عبر المنصة الالكترونية، بل انها هي المستفيد الاكبر وهو بذلك اقصد البنك المركزي  يقوم بدورة في توفير  العملة الاجنبية لتوفير الغذاء والدواء والسلع الأخرى  للسكان في اليمن. لكن البنك المركزي لا يستطيع تحريك  سعر الفائدة في البنوك  لمواجهة التضخم أو اصدار سندات الدين التقليدية كأذون الخزانة   كأداة من أدوات السياسة النقدية نظرا لضخامة الدين العام المحلي كما وضحنا آنفا، ولذلك ليس بوسعه الدفاع عن  معدلات تضخم سنوية مقبولة لكنه يدرك في المحصلة ان ارتفاع معدلات التضخم الذي بلغ حسب بعض  الدراسات اكثر من 65% مقارنة بمعدل تضخم بلغ 30% عام 2015 هو  ناجم جزئيا عن التدهور المتواصل في سعر  صرف العملة الوطنية ولذلك نراه يعمل كل ما امكن لوقف تدهور قيمة العملة في حدود الادوات المتاحة وقد استطاع احداث استقرار في سعر  الصرف وان كان يحوم فوق مستوى الالف ريال للدولار، والبنك المركزي مستمر في سحب فائض السيولة  من السوق.

  ومن أجل ذلك الى جانب ما يتيحه بيع الدولار عبر المنصة الالكترونية من سحب لفائض السيولة كما اتخذ منظومة واسعة من الاجراءات في تستهدف الحد من عمليات المضاربة .في سياق آخر أعلن البنك المركزي أعلن يوم أمس الأربعاء الموافق 27 يوليو 2022م  قراره  بالبدء في تفعيل الأدوات الإسلامية ومن بينها بيع  الصكوك بعد أن أقر في اجتماع مجلس إدارته الأخير الهيئة الشرعية وتعيين مراقب شرعي  من ذوي الكفاءات في الأدوات الاسلامية .

وماذا بعد ؟

الى جانب التحديات الاقتصادية المالية والنقدية  تعد ندرة المياه  أحد  أبرز القضايا  الإنسانية في اليمن  التي تهدد سكانها خاصة في ظروف الحرب ومع تغير المناخ العالمي الذي هو نتاج لسياسات الغرب الصناعية فإن اليمن تعاني من ندرة المياه وتواجه موجه من الجفاف، فاليمن يدفع ثمن التغير المناخي رغم انه شمل بلدان كثيرة في الشرق الاوسط  لكن تغير المناخ في اليمن وفي بلد  يفتقد للأنهار وتقع في منطقة جافة  له آثار كارثية .

  في ظل ثقل الاوضاع الاقتصادية وحالة جهاز الدولة الضعيف  التي ترتبت عن الحرب والتي تترافق مع تغيرات اقتصادية خارجية غير مواتية انعكست على اسعار الغذاء والطاقة  .كما ان بلادنا لسوء  الطالع  تواجه موجة جفاف غير مسبوقة فهذا العام 2022 تأثرت الدورة الزراعية سلبا من جراء  الجفاف بعد انحبست السحب وتوقف سقوط الامطار .  ومن الطبيعي أن يؤدي ذلك الى زيادة معاناة المزارعين ومعهم المستهلكين من حيث  نقص السلع الزراعية وارتفاع تكاليف انتاجها وبالتالي اسعارها هذا العامل المحدد يضاف الى ارتفاع قيمة مدخلات  الزراعة من الطاقة وخاصة من مادة  الديزل كما ارتفاع قيمة البترول انعكس على أسعار الأسماك وارتفاع تكاليف النقل الذي يحمل عبئه المستهلك النهائي  وفي مثل هذه الظروف الحرجة  يشكل الدعم الخارجي المالي والاقتصادي  والغذائي سواء  الثنائي أو الدولي يشكل تأمينه ضرورة للتخفيف من فجوة الموارد وتامين حصول اليمن على السلع الغذائية كسبيل لوقف مستوى المجاعة وتدهور الدخول ومواجهة الفاقة وتردي الوضع الإنساني  ويستتبع ذلك المساعدة في السيطرة على الأسعار بما في ذلك سعر صرف العملة الوطنية .

د.يوسف سعيد احمد


طباعة   البريد الإلكتروني